التغطية الإعلامية العالمية لزيارة رئيس الوزراء مودي إلى إثيوبيا - ENA عربي
التغطية الإعلامية العالمية لزيارة رئيس الوزراء مودي إلى إثيوبيا
تواصل استراتيجي في أفريقيا والجنوب العالمي
بقلم جودان بي
أديس أبابا، 20ديسمبر 2025 (إينا) - حظيت زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى إثيوبيا، التي جرت في الفترة من 16 إلى 17 ديسمب 2025، بتغطية إعلامية واسعة في وسائل الإعلام الهندية والأفريقية والدولية، حيث سلطت التقارير الضوء على موضوع محوري: تمثل الزيارة علامة فارقة دبلوماسية وإشارة استراتيجية في ظل تحولات موازين القوى في أفريقيا والجنوب العالمي عموماً.
ومع اختتام الزيارة، كشفت التغطية الإعلامية العالمية عن اختلافات واضحة في التركيز. فقد أبرزت وسائل الإعلام الهندية دفء اللقاء ورمزيته وتقاربه الثقافي، بينما ربطت وكالات الأنباء الدولية الزيارة بالمنافسة الجيوسياسية الأوسع وتوسع النفوذ الاستراتيجي للهند في القارة الأفريقية. في المقابل، سلطت وسائل الإعلام الأفريقية الضوء على دور إثيوبيا كبوابة قارية وركيزة دبلوماسية.
تصوير إثيوبيا كمركز دبلوماسي استراتيجي
أكدت العديد من وسائل الإعلام الأفريقية على أهمية إثيوبيا ليس فقط كمضيف، بل كمركز دبلوماسي في أفريقيا. تمنح أديس أبابا، بصفتها مقر الاتحاد الأفريقي، إثيوبيا موقعًا قياديًا فريدًا على مستوى القارة، وهو دور أبرزته وسائل الإعلام الأفريقية باعتباره محوريًا لنجاح الزيارة ورمزيتها. لذا، لم تُصوَّر زيارة مودي على أنها مجرد دبلوماسية ثنائية، بل كتأكيد على أهمية إثيوبيا في العلاقات الأفريقية مع دول الجنوب العالمي.
إبراز دور إثيوبيا القيادي في الجنوب العالمي
أكدت التغطية الصحفية الأفريقية على الزيارة باعتبارها فرصة للتعاون بين دول الجنوب ولإسماع صوت عالمي موحد، وهي أفكار تلقى صدىً واسعًا في العديد من التقارير الإعلامية الأفريقية. وأشارت التقارير إلى تعهد كل من الزعيمين الإثيوبي والهندي بتعزيز دور أفريقيا في صنع القرار العالمي، ما يضع إثيوبيا كشريك يُسهم في تقريب المصالح الأفريقية والهندية في قضايا مثل التنمية والتكنولوجيا وحفظ السلام.
استقبال حافل كرمز لثقل إثيوبيا الدبلوماسي
غالبًا ما أبرزت التقارير الإيجابية الجوانب الاحتفالية والرمزية لكرم الضيافة الإثيوبية، مثل الترحيب الحار من القيادة الإثيوبية، والعروض الثقافية، ومنح إثيوبيا رئيس الوزراء مودي أعلى وسام مدني في البلاد. أبرزت هذه التقارير دور إثيوبيا الفاعل ودبلوماسيتها الراقية في استضافة زعيم عالمي بارز، مما عزز مكانتها كعاصمة أفريقية مؤثرة. التركيز على الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية لإثيوبيا
سلطت بعض وسائل الإعلام، ولا سيما الأفريقية منها، الضوء على ديناميكية إثيوبيا الاقتصادية وإمكاناتها كدولة شريكة، مشيرةً إلى أن الهند من بين مصادر الاستثمار والتعاون المتنامية للبلاد. وأشارت التغطية الإعلامية إلى اتفاقيات بشأن البنية التحتية للبيانات، والتدريب على حفظ السلام، والتعاون الاقتصادي، مما يُظهر إثيوبيا كدولة استباقية واستراتيجية في بناء شراكات تتجاوز نماذج المشاركة الغربية التقليدية.
اهتمام أفريقي واسع ونبرة إيجابية
نقلت وسائل إعلام أفريقية، مثل "أفريكان نيوز"، الزيارة في سياق التضامن مع دول الجنوب، مع التركيز على أن زيارة الهند كانت مناسبة لتبادل الرسائل الدبلوماسية الجماعية وليست مجرد حدث ثنائي. وأبرزت هذه الوسائل الروابط التاريخية المشتركة والاحترام المتبادل، مما يشير إلى تقدير دور إثيوبيا على الصعيدين الإقليمي والقاري.
الإعلام الهندي: احتفال، فخر، وصداقة استراتيجية
قدّمت وسائل الإعلام الهندية، بما فيها صحيفة تايمز أوف إنديا، وقناة إن دي تي في، ووكالة أنباء إيه إن آي، تغطية إعلامية واسعة النطاق واحتفالية. وقد ركّزت بشكل خاص على الترويج للحدث.
حظي خطاب رئيس الوزراء مودي أمام البرلمان الإثيوبي، ومنحه أعلى وسام مدني في إثيوبيا، باهتمام واسع.
وصفت صحيفة "تايمز أوف إنديا" الزيارة بأنها علامة فارقة في العلاقات الثنائية، ونقلت عن مودي قوله إنه "يشعر وكأنه في بيته في إثيوبيا"، مشيرًا إلى "الروابط الحضارية المشتركة التي تعود إلى قرون مضت". وذكرت الصحيفة أن الجائزة تُكرّم "مساهمته في تعزيز الصداقة بين الهند وإثيوبيا"، واعتبرت الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية نجاحًا دبلوماسيًا كبيرًا.
برزت اللفتات الرمزية بشكل لافت. وسلطت الصحيفة نفسها الضوء على قيام رئيس الوزراء آبي أحمد شخصيًا بتوصيل مودي إلى المطار، واصفةً ذلك بأنه "وداع ملكي يعكس دفءًا شخصيًا استثنائيًا". كما تم تسليط الضوء على اللحظات الثقافية، بما في ذلك أداء ترنيمة "فاندي ماتارام" في مأدبة رسمية، والتي وصفها مودي بأنها "تعبير مؤثر عن الصداقة بين البلدين".
الإعلام الدولي: الاستراتيجية، المنافسة، والجنوب العالمي
اتخذت وكالات الأنباء الدولية نبرة أكثر تحفظًا وتحليلًا. وصفت رويترز الزيارة بأنها "جيوسياسية"، مشيرةً إلى أن زيارة مودي وخطابه أمام البرلمان "يدل على توسع الهند في أفريقيا". وسلطت الوكالة الضوء على استثمارات الهند البالغة خمسة مليارات دولار في القارة، وربطت الزيارة بـ"المنافسة المتزايدة بين القوى العالمية على النفوذ في أفريقيا"، لا سيما في ضوء انضمام إثيوبيا إلى مجموعة البريكس.
وركزت وكالة أسوشيتد برس على النتائج لا على المراسم، مشيرةً إلى الاتفاقيات المتعلقة بمعالجة الديون بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، والتعاون التكنولوجي، والتعاون الأمني. ونقلت أسوشيتد برس عن مودي قوله إن الشراكة ستسترشد بـ"التنمية الشاملة واحترام السيادة"، مضيفةً أن الهند تسعى إلى ترسيخ مكانتها "كشريك تنموي لا كقوة مهيمنة".
ووضعت قناة الجزيرة الزيارة ضمن طموح الهند الأوسع لتعزيز ريادتها في الجنوب العالمي. وتجاوز تحليلها العلاقات الثنائية، مشيرًا إلى تداعياتها على القرن الأفريقي والشرق الأوسط، ومؤكدًا على الدبلوماسية والتعاون التنموي والمكانة الإقليمية.
ولفتت كل من بي بي سي وفرانس 24 الانتباه إلى أن رئيس الوزراء آبي أحمد استقبل مودي شخصيًا. وصفت كلتا الجهتين هذه البادرة بأنها دلالة على "التقارب" الدبلوماسي، مع وضع الزيارة في سياق التوجهات الجيوسياسية العالمية الأوسع. وأشار محللون استشهدت بهم هذه المنافذ الإعلامية إلى أن التغطية المستقبلية ستتناول كيفية تداخل جهود الهند في إثيوبيا والمنطقة.
وسائل الإعلام القارية: إثيوبيا ركيزة دبلوماسية لأفريقيا
أشارت وسائل الإعلام الأفريقية عمومًا إلى الزيارة باعتبارها خطوة هامة في العلاقات الأفريقية الهندية. وأكدت كل من "أفريكا نيوز" و"ذا إيست أفريكان" على مكانة أديس أبابا كمقر للاتحاد الأفريقي، وذكرتا أن الهند تعتزم توسيع التعاون مع أفريقيا في مجالات الأمن والصحة والتكنولوجيا.
فسّرت هيئة الإذاعة الجنوب أفريقية (SABC) ووسائل الإعلام النيجيرية الرائدة الزيارة كجزء من استراتيجية الهند الأوسع نطاقًا تجاه أفريقيا، واصفةً إثيوبيا بأنها دولة "محورية" تسعى نيودلهي من خلالها إلى تعميق انخراطها القاري وتقديم نموذج شراكة للدول الأفريقية الأخرى.
مواضيع مشتركة في التغطية
على الرغم من اختلاف وجهات النظر التحريرية، إلا أن هناك عدة مواضيع مشتركة بين التقارير. فقد أشارت وسائل الإعلام مرارًا وتكرارًا إلى الطابع التاريخي للزيارة، موضحةً أن مودي هو أول رئيس وزراء هندي يزور إثيوبيا منذ أربعة عشر عامًا. أكدت التغطية على الارتقاء بالعلاقات من صداقة طويلة الأمد إلى شراكة استراتيجية، وسلطت الضوء على الالتزامات المشتركة لتضخيم صوت الجنوب العالمي في المحافل متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومجموعة البركس