الإرث الأخضر وأي إرث ؟ - ENA عربي
الإرث الأخضر وأي إرث ؟

بقلم : محمد شافي
عندما تسمع للوهلة الأولي بكلمة الأخضر مقرونة بالإرث يتبادل في ذهنك معنى راق ومفعم بالحيوية والنشاط ، إذ أن مشاهدة الحدائق الغناء أو الغابات الكثيفة والمناظر الخضراء بشكل عام تبهج النفوس قبل الأرواح ، والمشاعر قبل الأجساد .
ويشير المتخصصون في الصحة أن مشاهدة المناظر الخضراء تزيد من العمر، ولهذا فإن سكان الأرياف تراهم نشيطين أصحاء رغم تقدمهم في السن ، لأن حياتهم مرتبطة بالطبيعة لا غير .
وهناك أيضا تحدي آخر يفرض نفسه على ضرورة التركيز على التغطية الخضراء ألا وهو آثار تغير المناخ ، والذي تتضرر من ولايته دول العالم الثالث ولا سيما إفريقيا .
الإرث الأخضر هو مشروعٌ يوحّد الناس من أجل قضية مشتركة، ويهدف إلى تغيير وجه البلاد، ويحمل رؤيةً تتجاوز الأجيال.
أطلق رئيس الوزراء أبي أحمد هذه الحركة الوطنية العظيمة عام 2019، وهي لا تهدف فقط إلى زراعة مليارات الأشجار، بل أيضًا إلى بناء مستقبل إثيوبيا على أسس متينة من خلال استعادة المشهد البيئي المتدهور في البلاد، ومكافحة تغير المناخ، وضمان ازدهار مستدام.
لا يقتصر هدف "الإرث الأخضر" على زراعة الأشجار والدعوة إلى حماية البيئة فحسب، بل يهدف أيضًا إلى جعلها مركزًا لبناء الأمة، والوحدة العامة، والتنمية الاقتصادية.
إن حملة الإرث الأخضر لا تقتصر فوائدها بيئيا أو اقتصاديا من خلال زراعة شتلات الخضروات والفواكه ، والتي ساهمت في دورها في زيادة المحاصيل الزراعية ، بل يتجتوز دورها أكبر من ذلك لكونها أتاحت للمواطنين فرصًا للمشاركة المباشرة في شؤون بلادهم والعمل معًا من أجل ازدهار مشترك.
لا يُقاس نجاح "الإرث الأخضر" بعدد الأشجار المزروعة فحسب، بل صُمّم البرنامج لتحقيق أهداف وطنية متعددة الجوانب ومترابطة. دعونا نلقي نظرة على بعض منها.
1. التكيف البيئي وتغير المناخ
كما ذكرت أعلاه فإن تحدي تغير المناخ يعتبر الدافع الرئيسي لهذه الحملة ، حيث تساهم خملات غرس الشتلات في منع تآكل التربة من خلال تغطية الجبال والأراضي الجرداء بالغابات، ووقف التصحر، وخفض انبعاثات الكربون، وتمكين البلاد من التكيف بسهولة أكبر مع تغير المناخ، كما تساهم النتائج المحققة في هذا الصدد بشكل كبير في نمو الإنتاج والإنتاجية.
2. الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية
تهدف "البصمة الخضراء" إلى ضمان الأمن الغذائي وزيادة دخل المواطنين من خلال زراعة شتلات الأفوكادو والمانجو والبابايا وغيرها من الفواكه، بالإضافة إلى أشجار الظل والغابات، وتعزيز زراعة المحاصيل النقدية مثل البن والشاي. كما تدعم الحملة بناء الاقتصاد الأخضر من خلال زراعة النباتات اللازمة لصناعة الأخشاب، وإنتاج العسل، وأعلاف الحيوانات. ولذلك تُسمى "الجمال والحياة".
٣. الوحدة الوطنية والمشاركة العامة
لقد وحّدت "حملة البصمة الخضراء" ملايين الإثيوبيين، من المزارعين إلى سكان المدن، ومن الطلاب إلى موظفي الحكومة، ومن قادة الأديان إلى قوات الأمن، تحت هدف واحد.
برنامج البصمة الخضراء، الذي يُنفَّذ لتحقيق هذا الهدف المشترك، يُصبح أيضًا أساسًا للحوار العام من خلال تعزيز الوحدة الوطنية.
4. الدبلوماسية الخضراء
تجاوزت البصمة الخضراء لإثيوبيا الحدود وأصبحت مثالًا يُحتذى به لدول القرن الأفريقي. وقد برهنت إثيوبيا عمليًا على أن حماية البيئة أجندة مشتركة من خلال التبرع بالشتلات للدول المجاورة ، وتعرف هذه الدبلوماسية باسم "الدبلوماسية الخضراء"، حيث ساهمت في بناء علاقات جيدة بين الدول، ولا سيما في دول الجوار وإفريقيا بشكل عام.
بشكل عام، لا تُعتبر البصمة الخضراء لإثيوبيا مجرد حملة لغرس الأشجار، بل هي أيضًا رمز للأمل والوحدة والنهضة الوطنية. شتلات اليوم هي غابات الغد، ومصادر مياه الغد، وهواء جيل الغد النقي.
تُمثل هذه الحملات مناسبة تاريخية أظهرت فيها إثيوبيا للعالم التزامها بمكافحة تغير المناخ، وأثبت مواطنوها كيف يُمكن تحقيق إنجازات عظيمة عندما يتحدون من أجل تنمية بلادهم.
إن ثقافة غرس الشتلات الإثيوبي والذي استمر لمدة ست سنوات سابقة بخطى ثابته وتم زراعة أكثر من 40 مليار شتلة حتى الآن .
كل شتلة مزروعة اليوم هي حجر الأساس القوي لإثيوبيا الخضراء والمسالمة والمزدهرة في المستقبل.
وها هي إثيوبيا اليوم تستعد لزراعة 700 مليون شتلة في غضون يوم واحد ضمن حملتها لهذه السنة غرس 7.5 مليار شتلة لهذا العام ، بتضافر جهود أبنائها المعتادة ، والذين دائما يمسكون بيد بعضهم البعض لبناء وطنهم .