إثيوبيا في "آيوميد": أكثر من مجرد رمز  

 

في مرحلة التنمية البشرية الحالية، من المحزن أن نرى العالم غارقًا مرة أخرى في عدم اليقين والنزاعات. لاشك أن الاختلاف في الأفكار والرؤى يؤدي حتمًا إلى خلافات، لكن ما يجب تجنبه بأي ثمن هو تحول هذه الاختلافات إلى صدامات عنيفة. يتوجب علينا من خلال التدخل المؤسسي تجاوز تجارب العنف المنتشرة في مختلف أنحاء العالم، والتي باتت تهدد حياة الملايين وتعيق التقدم البشري. كما أن النزاعات التجارية الدولية المتعلقة بالتعريفات الجمركية والمستثمرين الأجانب تشكل عائقًا أمام التعاون الدولي. هذه التحديات تستدعي من المجتمع الدولي التحرك الاستباقي لمعالجة جذور النزاعات قبل أن تخرج عن السيطرة.  

استجابةً لهذه الحاجة الملحة، تأسست منظمة الوساطة الدولية (IOMed) في هونغ كونغ في 30 مايو 2025، بهدف حل النزاعات بين الدول، والمستثمرين والدول، والتجارية الدولية بناءً على الرضا المتبادل. وتعد إثيوبيا أحد الأعضاء المؤسسين لهذه المنظمة الدولية الكبيرة، التي تهدف إلى استكمال آليات تسوية المنازعات الدولية القائمة. وهذا يتماشى مع تاريخ البلاد الطويل في دعم التعاون الدولي والتعددية. فقد أثبتت إثيوبيا التزامها الراسخ بالسلام والأمن الدوليين من خلال مساهماتها البارزة في مبادرات السلام العالمية.  

وبالتالي، فإن انضمام إثيوبيا إلى منظمة الوساطة الدولية يمثل امتدادًا لالتزامها بالسلام. وقد عبر وزير الخارجية الإثيوبي جيديون تيموثيوس عن هذا الموقف بقوله على وسائل التواصل الاجتماعي: "إدراكًا للحاجة إلى آلية عادلة وفعالة لتسوية المنازعات العامة والاستثمارية تلائم احتياجات الدول النامية، تثمن إثيوبيا تأسيس منظمة الوساطة الدولية وتؤكد التزامها بالتسوية السلمية للنزاعات".  

كما أشار الوزير، فإن هذه الخطوة تؤكد تصميم إثيوبيا على تعزيز الحوار والاحترام المتبادل وإيجاد حلول تعاونية للنزاعات الدولية، وهو ما يتماشى مع سياستها الخارجية الرامية إلى تعزيز السلام والاستقرار في القرن الأفريقي وخارجه. ويعكس هذا النهج التزام إثيوبيا بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، خاصة المادة 33 التي تؤكد على الوساطة كوسيلة أساسية للتسوية السلمية للنزاعات.  

تمتلك إثيوبيا سجلًا حافلًا في الوساطة الناجحة للنزاعات في المنطقة والعالم. ويتجلى التزامها العملي بالسلام من خلال أفعال ملموسة لمنع الصراعات، وليس مجرد خطاب. فعلى الرغم من الاستفزازات الكبيرة في السنوات الأخيرة، حافظت إثيوبيا على موقفها المبدئي الرافض للتصعيد، وفضلت دائمًا الحلول السلمية في تعاملها مع جيرانها.  

من ناحية أخرى، يبرز انضمام إثيوبيا إلى المنظمة اعترافها بضرورة وجود نظام عادل وفعال لتسوية المنازعات مصمم خصيصًا لاحتياجات الدول النامية. فمثل العديد من الدول النامية، تنتقد إثيوبيا عدم قدرة بعض المؤسسات الدولية على تلبية احتياجات هذه الدول، وتدعو لإصلاحات جذرية. لذلك فإن مؤسسات مثل "آيوميد" التي تسد هذه الفجوة تتماشى مع استراتيجية إثيوبيا الرامية لتعزيز النظام الدولي عبر مقاربات جديدة.  

بصفتها مضيفة للاتحاد الأفريقي ولعبة رئيسية في منظمات إقليمية مثل "الإيقاد"، سيعزز انضمام إثيوبيا إلى المنظمة مكانتها كمركز دبلوماسي. كما سيدعم دور أفريقيا في الدبلوماسية العالمية، ويعزز قدرة القارة على تشكيل معايير الوساطة الدولية.  

على الصعيد الاقتصادي، ستعمل المنظمة على تعزيز بيئة الأعمال من خلال تسوية النزاعات التجارية بكفاءة، مما ينعكس إيجابًا على تدفق الاستثمارات - بما يفيد إثيوبيا كجزء من السلسلة القيمة العالمية.  

ختامًا، فإن قرار إثيوبيا الانضمام إلى منظمة الوساطة الدولية ليس مجرد خطوة رمزية، بل يحمل فوائد متعددة للبلاد ولأفريقيا وللعالم أجمع، ويؤكد مرة أخرى دور إثيوبيا التاريخي كراعية للسلام والتعاون الدولي.

وكالة الأنباء الأثيوبية
2023