اثيوبيا فسيفساء التعايش والانسجام الديني

170

أديس أبابا

 09فبراير 2018

إعداد الكاتب الصحفي : كمال سليمان

أثيوبيا دولة زاخرة بالتاريخ المشرق الذي يبرهن السمة المميزة التي عاشت وتعيشها اثيوبيا منذ القدم في تحقيق الانسجام بين الأديان ويمكن للباحث في صفحات التاريخ أن يدرك التعايش الديني بين مختلف اتباع الديانات منذ وصول بعثات الأديان السماوية الثلاث (يهودية ومسيحية وإسلامية) وليس ذلك محصوراً على الأديان السماوية الثلاث فالناس هنا في اثيوبيا يحترمون ثقافة ومعتقداته بعضهم البعض ويستغلون الوازع الديني في تحسين ترجمة التعايش المشترك بصورة سلمية ويتشاطرون مبادئ العيش السلمي فيما بينهم على أسس القيم الإنسانية المشتركة .

 واعترافا بهذا الأمر والاستلهام من الخبرات المتأخرة التي حققتها إثيوبيا، تميز أسبوع الوئام العالمي المشترك بين الأديان والذي أقيم في أديس أبابا - للمرة الأولى- في مقر الأمم المتحدة لتعكس هذه الحقائق الملموسة على ارض الواقع وفى يوم الجمعة الماضي تلقى مجلس الأديان الأثيوبي جائزة من المبادرة الدينية الأفريقية لتعزيز قيم السلام والتسامح بين الشعوب الأثيوبية.

ويعتبر هذا الحدث المهم والجائزة رسالة واضحة وموجزة إلى أي مراقب بشأن الموقف الثابت للإثيوبيين في تعزيز السلام والانسجام الديني وتبرز حقيقة أن الطموحات الهدامة النيل من الأسس المتينة لهذا الصرح الكبير .

من تلك البصمات التي تعكس قوة الترابط المجتمعي بين مختلف الديانات   الأثيوبية تشارك الأثيوبيين في الجمعيات التي تتسم بطابع التآزر التقليدي جمعيات الإدر(EDER) ويلتف حولها الجميع في المناسبات الخاصة كالعزاء والأفراح من خلال التعاون المشترك في الترتيب وتغطية جميع احتياجات الأسر المنكوبة بسبب ظروف العزاء بدء من تجهيز الجنازة حتى الدفن وإعداد موائد العزاء وذلك كرمز للحمة الوطنية الفريدة التي تتميز بها اثيوبيا وهي عادات وتقاليد متوارثه من عبر الأجيال.

بعد عام 1991، قامت الحكومه بإضفاء الطابع الدستوري والمؤسسي لما تعود اليه من فوائد مجتمعي وتعزيز روح التعاون والتشارك بين مختلف الأديان والشرائح الموجودة في المجتمع الأثيوبي.

مما لا شك فيه أن وجود الأسس المتينة والقوية بين مختلف الأديان والأعراق الأثيوبية التي تعيش في ظل الاحترام والتعايش السلمي جعلها قادرة على دحر أية أفكار للتطرف الديني التي تحاول يائسة تعكير صفو السلام والانسجام في اثيوبيا الأمر الذي يجعلها مثالاً حياً يضرب به المثل عالميا وافريقيا في ترسيخ دعائم الفكر الإنساني السليم والقائم على تقدير قيم التسامح والإنسانية والدفاع عن المكتسبات الوطنية الواعدة في هذا المنوال وغيره من الركائز الأساسية الثابتة التي تتمتع بها البلاد في شتى المجالات الإنمائية مما يسترعي اهتمام الجميع لضمان الحفاظ على هذه القيم ونقلها للأجيال القادمة برونقها الحسي والمعنوي الذي يحرص على الاهتمام المتبادل والمشترك بين مختلف اتباع الديانات والإسراع بالخطى الوطنية للتنمية في أثيوبيا .

          

وكالة الأنباء الأثيوبية
2023