ضرورة التسامح من أجل السلام

504

 

 

ضرورة التسامح من أجل السلام

مقال

إعداد :الكاتب الصحفي عمر حاجي

 

أديس أبابا

10نوفمبر 2017

إن التنوع والتسامح العالميان هما يعززان التنمية المستدامة، كما أنهما يشجعان على بناء مجتمعات أكثر شمولا وأكثر مرونة التي تكون قادرة على الاستفادة من الأفكار والطاقة الخلاقة والمواهب من كل أعضائها.

حيث إن التسامح هو الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات في العالم، وهو أشكال طرق التعبير للإنسان.

ويعزز ذلك بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد. وأن الانسجام في الاختلاف ليس واجبا أخلاقيا فحسب، بل هو أيضا شرط سياسي وقانوني.  

والتسامح فضيلة يجعل السلام ممكنا، ويساهم في إحلال ثقافة الحرب بثقافة السلام.

والتسامح هو اتخاذ موقف إيجابي فيه الاعتراف بحقوق الإنسان العالمي والحريات الأساسية للآخرين في أي ظرف من الظروف. وينبغي أن يكون ممارسة ذلك من قبل الأفراد والجماعات والدول.

وأن التسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية بما في ذلك التعددية الثقافية والديمقراطية وسيادة القانون. وأنه ينطوي على نبذ النزعات العرقية والاستبدادية ويثبت المعايير التي تنص عليها الصكوك الدولية لحقوق الإنسان.

وكما أن الانسجام مع احترام حقوق الإنسان، وممارسة التسامح لا يعني التسامح مع الظلم الاجتماعي أو التخلي أو إضعاف واحد من المعتقدات. بل هو ما يعني أن كل واحد حر في تبني قناعاته ويقبل أن يتمسك الآخرون بمعتقداتهم. وهو ما يعني قبول حقيقة أن البشر متنوع بشكل طبيعي في مظهره، وفي وضعه وفي الكلام والسلوك والقيم، وله الحق في أن يعيش في سلام  . 

وهذا يعني أيضا أن آراء الفرد لا ينبغي فرضها على الآخرين.

في العالم الحديث، فإن التسامح هو أكثر أهمية من أي وقت مضى. فهذا العصر يتميز بعولمة الاقتصاد وبالسرعة المتزايدة في التنقل والتواصل والتكامل والترابط، والهجرات الواسعة النطاق، والتوسع الحضري، وتغيير الأنماط الاجتماعية. ويتميز كل جزء من هذا العالم من خلال التنوع، وتصاعد التعصب والنزاعات التي باتت خطرا يهدد ضمان كل منطقة. ولا يقتصر ذلك على أي بلد، بل هو تهديد عالمي ككل.

ولهذا وذلك، فإن التسامح ضروري بين الأفراد وعلى صعيد الأسرة والمجتمع. وأن تعزيز التسامح وتكوين المواقف من الانفتاح والاستماع والتضامن المتبادل ينبغي أن تتم من المدارس والجامعات ومؤسسات التعليم الأخرى عن طريق التعليم النظامي وغير النظامي وفي المنزل وفي مكان العمل.وعلى وسائل الإعلام والاتصال أن تلعب دورا بناء في تيسير التحاور والنقاش الحر والمفتوح، ونشر قيم التسامح وإبراز مخاطر اللامبالاة تجاه ظهور الجماعات والأيديولوجيات غير المتسامحة.

وقد أكد إعلان اليونيسكو حول نبذ العنصرية والتحيز العنصري، وأن اتخاذ التدابير اللازمة لضمان المساواة في الكرامة والحقوق للأفراد والجماعات حيثما كان ذلك ضروري  .

   وفي هذا الصدد، ينبغي إيلاء اهتمام خاص للفئات المستضعفة التي تعاني اجتماعيا أو المحرومين اقتصاديا، وذلك لتزويدهم بالحماية بالقوانين والتدابير الاجتماعية، ولا سيما فيما يتعلق بالإسكان والتوظيف والصحة، واحترام أصالة الثقافة وقيمها، ومساعدتها على التقدم الاجتماعي والمهني والاندماج، لا سيما من خلال التعليم، لأن التعليم هو الوسيلة الأكثر فعالية لمنع التعصب والنزعة العرقية.

والخطوة الأولى من تعليم التسامح هو تعليم الناس حول ما هي الحقوق والحريات المشتركة بينهما، والتي يمكن احترامها، وتعزيز الرغبة في حماية الآخرين. وينبغي النظر في التعليم في مجال التسامح ضرورة ملحة.  

وهذا هو السبب في أنه من الضروري تعزيز طرق التدريس في منهجية وعقلانية التسامح التي من شأنها أن تعالج المصادر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية من تفادي التعصب والجذور الرئيسية للعنف والاستبعاد.

وينبغي للسياسات والبرامج التعليمية أن تساهم في تطوير التفاهم والتضامن والتسامح بين الأفراد وبين الجماعات والشعوب العرقية والاجتماعية والثقافية والدينية واللغوية وهذا ما تقوم به البلاد.

ويجب أن تهدف التربية من أجل التسامح في مقاومة تأثير العوامل المؤدية إلى الخوف من الآخرين واستبعادهم، وينبغي أن تساعد الشباب على تنمية قدراتهم علي استقلال الرأي والتفكير النقدي والتفكير الأخلاقي. ونحن نتعهد لدعم وتنفيذ برامج البحوث الاجتماعية في العلم والتعليم من أجل التسامح وحقوق الإنسان ونبذ العنف.

وهذا يعني تكريس اهتمام خاص لتحسين تدريب المعلمين، والمناهج الدراسية، ومحتوى الكتب المدرسية والدروس والمواد التعليمية الأخرى بما في ذلك التكنولوجيا التعليمية الجديدة، وذلك بهدف تنشئة مواطنين يقظين مسؤولين ومنفتحين على الثقافات الأخرى، القادرة على تقدير قيمة الحرية، احتراما كاملا للكرامة والاختلافات البشرية، وقادرة على منع النزاعات أو حلها بوسائل غير عنيفة.

ومن ناحية أخرى، من أجل توليد الوعي العام والتأكيد على مخاطر التعصب والتفاعل مع تجديد الالتزام أن العمل في دعم تعزيز التسامح والتعليم أمر بالغ الأهمية. إذ تضع في اعتبارها دول العالم إعلان 16 نوفمبر من كل عام باليوم الدولي السنوي للتسامح.

وفي هذا الصدد قالت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونيسكو لدى إلقاء خطابها باليوم الدولي للتسامح، "إننا لاحظنا أن أزمات الهجرة، والتي يتم استخدام الوضع المأساوي للاجئين والصراعات المسلحة كأدوات لإثارة الكراهية من جهة أخرى وتصم الأقليات من إضفاء شرعيتها.

ويجب علينا مواجهة هذا الميل إلى الانعزالية من خلال استعادة قوة المادة لثقافة التسامح. وعلينا أن نتذكر الحقائق التاريخية، أذكر كيف اختلطت الشعوب والهويات، ومراعاة نوع الجنس وأكثر ثراء من الثقافات وأكثر تعقيدا مع هويات متعددة.

وقالت أن "أدعو جميع الدول الأعضاء في اليونيسكو وجميع مواطني العالم لحمل هذه الرسالة، لنبني معا المجتمعات التي هي أكثر شمولا، وأكثر سلاما وأكثر ازدهارا، لأنها أكثر تسامحا". وتلتزم الأمم المتحدة بتعزيز التسامح من خلال تعزيز التفاهم المتبادل بين الثقافات والشعوب. هذه الضرورة تكمن في جوهر ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي أكثر أهمية من أي وقت مضى في هذه الحقبة من ارتفاع التطرف العنيف واتساع الصراعات التي تتميز بتجاهل أساس الحياة البشرية.

عندما نأتي إلى السياق الإثيوبي، احتفل بيوم التسامح على مدى السنوات الست الماضية. وإعداد الجاري للاحتفال بهذا اليوم للمرة السابعة، وفقا لوزارة الثقافة والسياحة. وقالت إنها انتهت الاستعدادات للاحتفال باليوم الدولي للتسامح في مدينة دسي من إقليم أمهرا. 

   وتحتفل البلاد بهذا اليوم في شهر نوفمبر كل عام تحت شعار: "تعزيز قيمنا التسامح الثقافي". وكان هذا اليوم يوما محليا ودوليا.

وقال الوزير العام ومدير العلاقات الدولية جزهين أباتي إن هذا اليوم هو اليوم الذي يحتفل به سنويا من أجل وراثة قيم التسامح للأجيال القادمة. مضيفا إلى أنه سوف يحتفل بهذا اليوم أمام الأمم والقوميات والشعوب، وهو يوم له مساهمة كبيرة في ترسيخ قيم التسامح بين أفراد المجتمع.

ومما لا شك فيه أن مساعي التسامح هي خلق مجتمع يحتوي على الإجماع لبناء النظام الديمقراطي، وأن التسامح هو القيمة الأساسية التي تمكن الشعوب والقوميات والشعوب في العيش في وحدة ووئام مع التنوع والتعددية.

 

وكالة الأنباء الأثيوبية
2023