" أشندا " عيد المحبة والسلام

134

" أشندا " عيد المحبة والسلام

من المعلوم أن أثيوبيا دولة تحضن في طياتها أكثر من 80 شعوب وقوميات . لكل هذه الشوب عاداتها وتقاليدها وثقافاتها ولغاتها وأعيادها . ويبدو أنه ولهذا السبب يسميها كثير من الأجانب الذين يأتون إلى أثيوبيا بأنها متحف الشعوب .  

إن القومية التغراوية مثلها مثل القوميات الأخرى الموجودة في أثيوبيا لديها عاداتها وتقاليدها وثقافاتها وأعيادها. فهناك عدد من الإحتفالات والأعياد الشعبية الثقافية الخاصة بها جديرة بالإهتمام والقيام بتعريفها للأخرين .

منها على سبيل المثال لا الحصر " عيد أشندا " يتم الإحتفال به على مستوى الإقليم سنويا اعتبارا من 16 نهاسي حتى اليوم الذي يراه الإقليم مناسبا. وفي هذه السنة مثلا سيتم الإحتفال به لمدة أربعة أيام حسب ما أعلنه مكتب الثقافة والسياحة في الإقليم .

ولنا أن نسأل الأن متى ظهر هذا العيد ؟ ومن الذي يحتفل به ؟ ومتى ىحتفل به ؟ وما الفئدة التي تتحقق من وراء الأحتفال بهذا العيد ؟ وما هي الرسالة التي يرسلها الإحتفال إلى العالم ؟

ومعلوم أن لكل إقليم من الأقاليم الإثيوبية احتفالات شعبية كبيرة مثل ميشاميشو الذي يعرف كثيرا في إقليم أمهرا وريتشا في إقليم أوروميا وعاشوراء وعيد شوال الذي يغلب في إلقليم هرر وغيرها .

وعودة إلى ما نحن الأن في صدده نقول إن الإحتفال بعيد أشندا كان موجودا منذ التاريخ في إقليم تغراي وظل الشعب ولا يزال يعطي لهذا العيد اهتمامات خاصة وان كان خاصا بالأطفال النساء. بل أن الكبار أصبحوا يتشوقون إلى هذا العيد وخصوصا إلى أنواع اللعبة الثقافية التي يؤديها أطفال النساء وهن يتزين بأحسن الزينة الثقافية الشعبية . ومنذ ذلك التاريخ لا يزال هذا العيد موجودا في الإقليم بل أصبح يزداد روعة وجمالا وتوسعا وشهرة عاما بعد عام .

ويقول العارفون بالقضية والمؤرخون إن هذا العيد  له أصل ومرجع في الكتب المقدسة وخاصة في العهد القديم الذي يسميه الأثيوبيون ب " بلو كيدان " . ومن الواضح جدا إن هذا العيد يوافق دائما 16 من شهر نهاسي حسب التقويم الأثيوبي وهو ما يعرف لدى النصارى بأنه يوم خاص بكيدان مهرت وعندما يأتي دائما في الشهر المذكور يكون مثل عيد الفطر لأنه يوافق يوم الإفطار عندهم بعد الصيام الذي يستغرق 15 يوما .

ويقول دستا تكلولد صاحب القاموس الأمهري المعروف باسم " القاموس الأمهري الجديد " إن كلمة أشندا هي كلمة تغرينية وأصلها " سندا " وتعني الورق الذي تنزل عليه المياه بطريقة منظمة ثم قلبت السين شينا لتكون " أشندا " .ويضيف إن أشندا هو نوع من الورق الذي يرتديه بنات تغراويات في العيد. مما يعني أن تسمية أشندا للعيد إنما جاء من باب التغليب .

وكما أسلفت إن هذا العيد " أشندا " عيد خاص بالأطفال النساء ولا يمكن للكبار أو للأمهات أن يشاركن في هذا العيد إلا من باب اعطاء صورة أجمل لهذا العيد والتعبير عن الإعجاب والدعم لأولادهن . ويجب أن نعلم أن هذا العيد " أشندا " قد صار الآن عيدا يتشوق إليه حتى الكبار. بل ويقول الكثير من الذين وجدوا فرصة المشاركة بأنهم قد اكتشفوا فوائد اجتماعية أخرى من وراء الإحتفال حيث قالوا إنه بامكان غير المتزوجين أن يختاروا زوجات مناسبة لهم .

وكان قديما لا يسمح للبنات أن يخرجن من بيوتهن بكل حرية إلا في هذا اليوم إذن وكان العيد فرصة للتعرف على الرجال إذ يجدن البنات فرصة الخروج من منازلهن والإحتفال والرقص مع زميلاتهن لمدة أربعة أيام أو خمسة حسب الأهمية . ويبدو أنه ولهذا السبب يسميه البعض بأنه عيد حرية النساء .

مدينة مقلي عاصمة إقليم تغراي قد ازدادت جمالا وروعة بسبب البنات الجميلات الرائعات اللائي يحتفلن بعيد أشندا منذ الإثنين حتى الأن حيث تم الإتفاق على مستوى الإقليم بأن احتفال هذا العام بعيد أشندا يستمر لمدة أربعة أيام .

والجدير بالإشارة إلى أن هذا العيد " أشندا " قد صار الأن يلفت انتباه الكثيرين من الأجانب ولذا تجدهم يسافرون إلى الاٌقليم سنويا لمشاهدة ما يجري هناك وللاستمتاع بالمناظر الخلابة والألوان الجميلة التي تشرق بسبب البنات .

وتقول المهندسة عائشة محمد وزيرة الثقافة والسياحة في هذه المناسبة إن على البنات أن يحتفظن على العادات والتقاليد الخاصة بعيد أشندا حتى تنتقل تلك العادات إلى الأجيال القادمة مؤكدة أن هناك مساعي وجهود تبذل من قبل الحكومة كي تسجل لدى منظمة اليونيسكو كأثار عالمية . وبنفس اللهجة أشار مسؤول مكتب الثقافة والسياحة في إقليم تغراي حيث قال إن الجهود التي تبذل لجعل أشندا معترف به عالميا جار.

وأشارت الوزيرة إلى أن عيد أشندا عيد يعبر عن المحبة والسلام للبشرية وأن المشاركة في مثل هذه الأعياد الشعبية يزود الإنسان بمزيد من المحبة والأخوة بين الناس .

وختاما نقول إن المساعي لتثبيت أشندا في منظمة اليونيسكو يجب أن تستمر كما أن الاقليم أن تبذل قصارى جهدها للإحتفاظ على هذا العيد الذي يبث المحبة والسلام والإخوة بين الشعوب .

 

وكالة الأنباء الأثيوبية
2023