نجاح أثيوبيا في إصلاحات القطاع المالي غير ربوي

1699

 

 

شملت الإصلاحات التي جاءت بها الحكومة الأثيوبية بقيادة رئيس الوزراء أبي أحمد في أبريل 2018م العديد من القطاعات في الدولة ومن ضمنها القطاع الزراعي والصناعي والإقتصادي والخدمي بالرغم من وجود تحديات داخلية وخارجية منها وباء كوفيد19 والنزاع في شمال أثيوبيا.

ويعتبر القطاع الإقتصادي أو المالي من أكثر القطاعات التي شهدت تطوراً وتحسناً نوعياً في أثيوبيا، حيث شهدت السنوات الثلاث الماضية العديد من الأنشطة فى مجال توسيع وشمولية المجال الإقتصادي والمالي من خلال زيادة عدد البنوك والمؤسسات المالية والضمان، وكان أهمها الموافقة على فتح القطاع المالي غير ربوي أو الإسلامي والذي ظل غير مسموح به خلال السنوات الماضية.  


وفقا للمعاجم اللغوية فإن الإقتصاد في اللغة مأخوذ من القصد وهو إستقامة الطريق والعدل والقصد فى الشيء خلاف الإفراط وهو مابين الإسراف والتقصير، أما فى الإصطلاح فهو الأحكام والقواعد الشرعية التي تنظم كسب المال وإنفاقه وأوجه تنميته.

ويعرف النظام الإقتصادي غير الربوي أو الإسلامي بأنه مجموعة من القواعد التي تعتمد على أصول العقيدة الإسلامية وهي القرآن والسنة النبوية الشريفة والإجتهاد الفقهي وتهتم جميعها في متابعة الأعمال الإقتصادية ضمن البيئة الإجتماعية.

فيما يوضح علماء المال بأنه أسلوب إقتصادي معتمد على الإسلام في إستخدام الموارد من أجل توفير حاجات الناس.

 

وتُصنف ماليزيا و المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بأنها من الدول التي فيها أكبر إقتصاديات إسلامية، تتضمن شركات وإستثمارات وأصول إقتصادية تعمل وفقاً للمبادىء والقيم الإسلامية والتي يمكن تطبيقها بما يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان.

كان الإقتصاد والتمويل البنكي  في أثيوبيا يعتمد فقط على النظام الربوي فى تعاملاته، إلا إنه بعد الإصلاحات فى القطاع الإقتصادي الأثيوبي ووفق ما ذكر محافظ البنك الوطني الأثيوبي دكتور يناجر دسي بأن عدد البنوك إرتفع خلال السنوات الأربع الماضية من 18 بنكا الى 30 بنكا، كما زاد عدد الفروع من 5564 الى 8944 فرع فى أثيوبيا.

 

وكان الدكتور سلمون دستا نائب محافظ البنك المركزي قد كشف في مؤتمر الإقتصاد والتمويل غير الربوي والذى عقد فى العاصمة أديس أبابا فى اغسطس الماضي،  بأن القطاع المالي غير الربوي يشهد تطوراً ملحوظاً فى اثيوبيا، حيث بلغ إجمالي الإيداعات 117 بليون بر إحتياطي و11 مليون حساب مفتوح عبر3 مصارف كاملة و11 بنك تقليدي يقدم خدمة مالية غير ربوية.

فيما تُقدم المؤسسات خدمات تمويل غير ربوية بقيمة 35.5 بليون بر ل4842 من المستفيدين حتى نهاية العام الأثيوبي في يوليو 2022.

 

ووفقاً لوزير المالية أحمد شيدى فإن الإصلاح فى مجال التمويل غير ربوي تتمثل فى ثلاثة محاور وهي قرارات إنشاء بنوك إسلامية كاملة، أو فروع غير ربوية، والموافقة على العمل فى مجال الضمان الإسلامي (التكافل)، والموافقة على العمل في فتح مؤسسات تمويلية إسلامية.

 

ونتج عن هذه القرارات ثلاثة بنوك إسلامية تعمل حالياً فى اثيوبيا وهي بنك زمزم وبنك الهجرة وبنك زاد بجانب 11 من البنوك المحلية التي تقدم خدمات غير ربوية بجانب مؤسستين تمويليتين فى إطار التشغيل تعملان فى إطار القروض وأربع مؤسسات أخرى فى إطار التشكيل للعمل في المجال التكافلي.

وتسعى أثيوبيا للإستفادة من مجال "التمويل الحلال" والذي أصبح من القطاعات المتنامية عالمياً حيث يمكن للبنك الإسلامي للتنمية أن تساعد في تنمية "صناعة الاقتصاد الحلال" في العالم إلى 3,2 تريليون دولار بحلول عام 2024.

وترغب أثيوبيا لاستغلال الفرصة التي يتيحها هذا الاقتصاد لتجاوز الأزمات الاقتصادية الراهنة.

 

وذلك من خلال إجراء المزيد من الدراسات البحثية المتعلقة في هذا  المجال وتوسيعه، خاصة مع تزايد المستخدمين له فى الداخل والخارج.

ومن ضمن تلك المساعي عقد أول مؤتمر للتمويل والإقتصاد غير الربوي فى العاصمة أديس أبابا فى أغسطس الماضي وذلك تحت شعار "الإقتصاد والتمويل غير الربوي من أجل تشكيل شمولية التمويل فى اثيوبيا".

حيث ناقشت القمة التي جمعت العديد من الخبراء فى المجال عددا من القضايا ذات الصلة بالتحديات والفرص المتعلقة بالتمويل والبنوك والسندات غير الربوية وتطبيقات البنوك غير الربوية وتكنلوجيا التمويل الرقمي.

 

واتفق المشاركون على ضرورة تعزيز المجال من خلال تعديل القوانين ومراقبة العمل وفقاً للشريعة الإسلامية بجانب توسيع التمويل لعمل الشباب، مؤكدين على دوره فى إدخال العديد من شرائح المجتمع والتي تجد قبولاً لديه.

واتخذت اثيوبيا قراراً شجاعاً بفتح الأبواب للبنوك الأجنبية للعمل فى اثيوبيا فى وقت قريب، فيما اوضح الخبراء والباحثون الإقتصادون بأن الخطوة التي إتخذتها الحكومة الأثيوبية مشجعة وستسمح للكثير من الأشخاص بالوصول الى البنوك والإستفادة من الخدمات المالية الرقمية.

 

وحظيت الجهود التي قامت بها الحكومة الأثيوبية بإعتراف عالمي فى إطار التحول الذى قامت به البلاد لتعديل وتوسيع العديد من المجالات ومن أهمها مجال الإقتصاد والتمويل، كان أخرها وفي سابقة نادرة حصول رئيس الوزراء أبي أحمد جائزة التمويل الإسلامي العالمي لعام 2022 للجهود المبذولة فى شمولية القطاع المالي في أثيوبيا، وذلك فى حفل أقيم فى جيبوتي  .

 

وغرد رئيس الوزراء في صفحته على تويتر قائلاً " الإصلاحات الواسعة في القطاع المالي التي تجريها أثيوبيا تحظى باعتراف عالمي، والذى تشرفنا بالحصول على هذه الجائزة للجهود التي نبذلها لجعل هذا القطاع شاملاً في البلاد".

ويتوقع أن تزيد هذه الجائزة من فرص أثيوبيا لجذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية خاصة التي تعتمد على العمل وفق الشريعة الإسلامية أو غير ربوية ومن أهمها إستثمارات دول الخليج والشرق الأوسط.

 

كما أن فتح المجال المصرفي أمام المستثمرين الأجانب سيعمل على دعم خدمات القطاع بالمعرفة والتكنلوجيا وينقل إقتصاد الدولة إلى مستوى أعلى من الإرتباط بالسوق الدولي وزيادة فرص العمل وضمان النمو الإقتصادي والقدرة التنافسية العالمية.

 

 أحـــلام محمد

وكالة الأنباء الأثيوبية
2023